×
آخر الأخبار

اسم الكاتب : الدكتور محمد بزبز

د. بزبز يكتب : المدير ... قائد لا يتكرر

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم : الدكتور محمد يوسف حسن بزبز / سفير جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي

في السادس عشر من تشرين الأول، يتجدد العهد مع يومٍ ليس كغيره من الأيام، يومٍ تُضاء فيه شموع القيادة، وتُرفع فيه رايات الامتنان لكل من حمل على عاتقه مسؤولية التوجيه والبناء، يوم المدير العالمي.
ذلك اليوم الذي لا يحتفي بالألقاب، بل يكرم القلوب التي آمنت بالرسالة، والعقول التي خططت بإتقان، والأيدي التي امتدت لتزرع في كل مؤسسة روح الانتماء والعطاء.

المدير الحقيقي ليس من يجلس خلف مكتبه ليراقب من بعيد، بل من يمشي بين الصفوف والقلوب، يسمع نبض المكان، ويفهم حاجات الناس، ويقود بحكمة من يرى أبعد مما يراه الآخرون. إنه من يصنع الفرق بصمته قبل كلماته، وبقراراته قبل خطاباته، وبقيمه قبل تعليماته.

في يوم المدير العالمي، نتأمل معنى القيادة في أبهى صورها. القيادة التي لا تعرف الغرور، ولا تلبس ثوب السلطة، بل تتشح بروح الخدمة والمسؤولية. القائد الحقيقي لا يقول "أنا"، بل يقول "نحن"، لأنه يدرك أن النجاح عمل جماعي تُسهم فيه القلوب المؤمنة والفِرق المخلصة.

وليس أعظم من أن نجد في الميدان التربوي قادة استثنائيين جعلوا من مدارسهم حدائق فكرٍ تنمو فيها العقول وتزدهر فيها القيم. قادة لم يكن همّهم أن تُذكر أسماؤهم، بل أن تُخلّد إنجازاتهم في عيون الطلبة ووجدان الميدان.
إنهم المدراء الذين قادوا بالصبر، وأداروا بالحب، وغرسوا في كل معلمٍ شغفًا، وفي كل طالبٍ حلمًا، وفي كل مؤسسةٍ روحًا نابضة بالحياة.

ولأن التربية هي أساس النهضة، فإن المدير التربوي هو قلبها النابض. هو من يترجم السياسات إلى واقع، والرؤى إلى أفعال، والتحديات إلى فرص. هو من يوازن بين صرامة القرار ودفء الإنسان، بين الحزم والرحمة، بين التخطيط والابتكار.

وفي هذا اليوم، نُهدي تحية فخرٍ لكل مديرٍ آمن أن القيادة ليست امتيازًا بل تكليف، وليست سلطة بل رسالة. تحية لكل من جعل من مدرسته بيتًا ثانٍ لأبنائه، ومن فريقه عائلةً متماسكة لا تعرف إلا العطاء.

إن يوم المدير العالمي ليس احتفالًا عابرًا، بل تذكيرٌ دائم بأن وراء كل نجاحٍ مؤسسةٍ قائدًا آمن بأن الإدارة ليست إدارة موارد، بل إدارة قلوب. وأن أعظم ما يتركه المدير بعد رحيله ليس الأرقام أو التقارير، بل الأثر الطيب في النفوس.

في هذا اليوم، نقف بإجلال أمام معالي وزير التربية والتعليم، والأمناء العامين، ومديري المديريات، وقادة الميدان التربوي، الذين يجسدون أسمى معاني القيادة الراشدة، ويقودون مسيرة التعليم الأردني نحو آفاق الريادة والتميز.

فكل عامٍ ومديرونا بخير، وكل عامٍ وقياداتنا التربوية تواصل صناعة الأمل بعقولٍ حكيمة، وقلوبٍ مؤمنة، وسواعدٍ لا تعرف إلا العمل والإنجاز.
وكل عامٍ والوطن يزهو بقادته الذين جعلوا من القيادة موقفًا قبل أن تكون منصبًا، ومن العطاء أسلوب حياة لا يحده زمان ولا مكان.