مقالات

إربد عاصمة الثقافة العربية 2022 ..حدثٌ هام ننتظره

كتبت حمدة الزعبي
هذه مدينة إربد، تزدهي وتتألق اليوم، وتتحضر لترفل بثوبٍ عربيٍ جميلٍ، يكون مزركشًا بكل فنون الثقافة، عنوانًا للثقافة العربية، فيجمعُ رؤى وتطلعات شعوبٍ، باتت تحلمُ وتحنُّ وتستذكر جهود الرواد الأفذاذ، والقامات السامقة، والمنتظِرة لما بذروه أسلافنا من حبٍ وودٍ بينهم، فعاشوا متآخين، ومتجانسين، لا يعكر صفوهم عزولٌ ولا عدوٌ.
يتسامر القومُ هذه الأيام، ويرددون الابتهالات لله، بأن يعود الاخضرار من جديد، لتبتل العروق التي شارفت على الجفاف، فتدبُّ الحياة فيها، وتشي بولادةٍ سهلةٍ لغيابٍ قسري، داهم الأهل، وعمَّ الزرعَ والضرعَ، وحامت غيوم سوداء تحمل في ثناياها سوادٌ وبلاءٌ، منذرةً بنتائج ما آلت إليه الأحوال من قهرٍ وظلمٍ، كشر عن أنيابه، ليفترس فينا ما هو جميل وأنيق.. فينتشر بقدرة قادر الغث والزوان والشوك بين ظهرانينا، فيطغى على قمح سهولنا وكرم وعزة أراضينا .. بؤس وشقاء وضنك يطال الجميع.
ووسط تصحر ومحلِ الأجواء العامة لدينا، نبدأ استعدادنا ونقف على عتبات إعلان إربد عروس الشمال عاصمة الثقافة العربية 2022، هذه التظاهرة الواعدة للمبدعين ولكل فئات المجتمع، وللمكتبات المحلية والعربية، بإثراء المشهد الثقافي لكل مدننا وقرانا وبوادينا، ما هي إلا تتويجا لنتاجنا الإبداعي الذي سيستمر طيلة عام كامل.
فترشيح مدينة إربد لاحتضان الثقافة العربية، ما هو إلا تكريمًا لها لتميزها وانفرادها بين شقيقاتها مدن المملكة بعد العاصمة عمان، فهي تزخر بالمبدعين من روائيين وشعراء وكتاب وفنانين، واعلاميين، فضلًا عن احتضانها للعديد من البيوت والمتاحف التراثية والمراكز الثقافية والمواقع الأثرية والمقامات الدينية. كل ذلك من مقومات عزز مكانتها وأهلها لتكون عاصمة للثقافة العربية العام المقبل.
أما بالنسبة لفكرة اختيار مدن عربية لإعلانها كعاصمة للثقافة العربية على مدى عام كامل، بزغت عام 1995م، وكانت البداية هي اختيار مدينة القاهرة عام 1996 وتوالت العواصم تباعًا وبشكل دوري.
فيما انطلقت فكرة اختيار المدن الثقافية عالميًا من اليونان سنة 1983م على يد وزيرة الثقافة اليونانية بتقديمها مشروعاً للاتحاد الأوروبي يقضي باختيار مدينة معينة ليتم الاحتفاء بها كمدينة للثقافة الأوروبية، وبوشر بتنفيذ المشروع عندهم عام 1985، وتطورت تسمية المشروع من المدن الثقافية الأوروبية إلى العواصم الثقافية الأوروبية، ثم توأمة المدن الثقافية.
وتهدف فكرة العواصم الثقافية إلى تنشيط المبادرات الخلاّقة وتنمية الرصيد الثقافي والمخزون الفكري والحضاري، من خلال تسليط الضوء على المدينة المختارة حضاريا وإبراز دورها الفكري والابداعي والثقافي والتاريخي عبر الأزمنة المختلفة.
كما وتهدف الفكرة إلى التواصل مع ثقافات وحضارات الشعوب الأخرى عبر الاطلاع عليها وعلى نتاجها الإبداعي، الرامي إلى ترسيخ القيم الإنسانية والأخلاق الإيجابية وبناء العلاقات البناءة في مختلف مساقات الحياة.
وحسنا ما أعده المكتب التنفيذي لاحتفالية إربد العاصمة الثقافية لعام 2022 ، وتشكيل كافة اللجان المتخصصة في المجالات: الثقافية والأدبية والتاريخية والفنية والتراثية، لتقوم كل لجنة بمهامها على أكمل وجه.
ولا يقف الاعداد على الدوائر الحكومية بل يتعدى ذلك الى اشراك الهيئات الثقافية والاجتماعية والسياسية والقطاع الخاص في محافظة إربد ببرامج ومشروعات التحضير والتجهيز لانجاح التظاهرة والحدث الهام بصورة مميزة.
وبدأت اللجان من مطلع شهر تشرين الثاني الماضي بوضع الخطط والتصورات لبرامج العمل على مختلف المستويات، بالشراكة مع ممثلين عن جميع قطاعات العمل، ليتم التواصل مع الجمهور والاعداد الجيد بالتواصل مع المعنيين لايجاد حراك يوائم الحدث ويرقى الى مستواه، وكما بوشر بدعوة كل المهتمين والمعنيين بالشأن الثقافي في مختلف جوانبه للاستعداد وتقديم الأنشطة والمشروعات التي تغذي وترفد إربد من مهرجانات ومحاضرات وندوات ومؤتمرات ولقاءات وورش عمل ومعارض فنية ومسرحية وسينمائية ومكتباتية.
بقي لنا أن نتمنى لعروس الشمال أن تظهر بأجمل حلة لها عام 2022، وتوثّق سجلًا إبداعيًا مشرّفًا، يبرز كنوزها وقدراتها وطبيعتها الإبداعية والخلابة بما تملكه من مقومات ومقاييس المدن الجميلة وذات المكانة الحضارية الهامة سياسيًا واقتصاديا وحضاريًا وسياحيًا واجتماعيًا. ولنتعاون جميعًا كل في موقعه ومكانته، لترجمة هذه الرؤى والتطلعات على أرض الواقع ونكون بمستوى الحدث الجلل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى