مقالات

عندما يكون الرجل نصير المرأة ونصفها الآخر

كتبت : الدكتورة رهام زهير المومني
كتبت في المقال السابق عن النساء المضطهدات في مجتمعنا الأردني والعربي، ويُعزى ذلك إلى البيئة والثقافة التي نشأن فيها، بل إلى مجتمع يتصف بالذكورية في أغلب الأحيان، إلا أن الكثير من المشاهد تعكس جانبا مضيئا لنساء أخريات، كان الرجال لهن السند والحماية والدعم في رفعة شأنهن ودعمهن للوصول إلى مناصب قيادية ووظيفية وحتى أُسرية ضمن أسر تُقّدر المرأة ودورها في بناء ورفعة الأمة، ومقولة: وراء كل رجل عظيم إمرأه أعظم، أيضا وراء كل إمرأة سعيدة ومتميزة رجل مثقف وراق يُقدّرها.
عِشنا وما زلنا في مجتمع يَكثُر الحديث فيه عن حقوق المرأة والاتفاقيات الدُّولية التي تخصها والمتنازع عليها، متجاهلين حقيقة أن المرأة مكرّمة ومُصانة منذ القِدم وفي كل الديانات، واستوصوا بالنساء خيرا، وما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلآ لئيم، ومجتمعنا مليء بكل أشكال العنف الذي يمارس ضدها كما ذكرت سابقا، إضافة إلى وجود الكثير من الرجال الذين يساندونها ويقفون إلى جانبها في كل المواقف والظروف القاسية التي تواجهها، نماذج من واقع حياتنا لرجال أوفياء وأسنادٍ حقيقين أولهم والدي أمّدَّ الله في عمره وحفظه ذخرا وجميع الآباء، فكان لي السند الحقيقي والأمان في تحقيق طموحاتي وإتمام دراساتي العليا والنجاح بعملي، وكان عونا لي في تربية أبنائي واحتضانهم، وإخواني الذين عاضدوني وساندوني في أصعب الظروف، فوجودهم يريح القلب ويقي من عثرات الزمن، وجود الأهل الصادقين في الحياة خاصة الأبوين نعمة توجب الشكر، ندرك خوفهم علينا عندما نصبح بمكانتهم، بوقت كنا نستغرب كثرة أسئلتهم وخوفهم الزائد علينا.
كما ذكرت في المقال السابق أمثلة عن بعض الطالبات العاملات والأمهات اللواتي عانين الاضطهاد، هناك أمثلة أيضا لطالبات تم دعمهن من أهاليهن وأزواجهن.
زارتني طالبة مجتهدة وزوجها في مكتبي فرحين بتخرجها، يحمل زوجها حلوى لإنهائها متطلبات الدراسة في البكالوريوس في زمن قياسي، فقالت لي هذا النجاح أهديه لزوجي الذي لم يتوانَ يوما عن توفير البيئة المناسبة لدراستي في جو كله محبة ودعم وصبر كبير وتوفير الرعاية لأبنائي في وقت دراستي.
طالبة متميزة أخرى كنت قد أشرفت على رسالتها في الماجستير، تلقت دعما كبيرا من أهلها الذين غمرتهم الفرحة عندما أَعلّنّا نتيجتها ناجحة بامتياز مع تعديلات طفيفة، قاعة مليئة بالورد وروائح عطرية وصوت تهاليل وتغريدات النساء بفرحة النجاح لا تضاهيها فرحة.
خلال إنهائي محاضرة وقفت مع مجموعة من الطلاب والطالبات وصار نقاش بيننا عن نظرة الرجل للمرأة وهل المرأة مظلومة في مجتمعنا وفرصتها أقل من الرجل خاصة في تسلم المناصب القيادية والعليا في القطاع العام والخاص؟ أُعجبت بتفكير بعض الطلاب الذين تكلموا عن المرأة أنها حققت أشياء كثيرة بفضل دعم الرجل لها إبتداءً من الأب إلى الأبناء والأهل والأصدقاء وزملاء العمل، حيث أن الكثير من النساء المؤهلات والرجال يمكنهم أن يلعبوا دورا كبيرا في دعم النساء لإيصالهن إلى المناصب القيادية وتمكينهن، ويجب على القادة الرجال تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص وأن يؤمنوا بقدرات المرأة على إحداث التغيير في المجتمع وتحقيق أهدافهن.
وأيضا طالبوا برفع نسبة تمثيل المرأة في المجالس النيابية وتطرقوا إلى مفهوم الكوتة النسائية وبأنها يجب أن تأخذ نسبة أكبر ، وأنه يجب أن تتغير فكرة المجتمع لدور المرأة، فدورها أعمق، والكثير منهن اكتسبن حقوقا سياسية وزادت نسبة مشاركتهن في سوق العمل وصنع القرار في القطاعين العام والخاص، وهذا تغيير يحتاج الى مزيد من الوقت والوعي، والبناء يجب أن يكون على أساس الكفاية وليس على أساس النوع أو المحسوبية، هنا تيقنت أن التغيير الإيجابي مقبل لا محالة.
سمعنا عن نساء تقلدن مناصب عليا، نائبة، مديرة، قاضية، وزيرة، أبدعن بعملهن وأَثبتن وجودهن وقيمة مُضافة، وترقين في مناصبهن، الأمر الذي أغضب أزواجهن فانفصلوا عنهن، بالمقابل غيرهم من الأزواج كانوا سببا رئيسا في وصولهن ورفعتهن وتقدمهن، فليس كل إمرأة منفصلة إذا نجحت بحياتها نقول بسبب انفصالها، فالكثير من المتزوجات حققن التوازن المطلوب في بيوتهن، لأن الرجل الناجح يهمه وجود إمرأه قوية ناجحة تضيف قيمة إلى حياته ليشعر بالأمان على أبنائه، ويصل معها إلى الأمان الفكري والعاطفي، فالنساء لديهن من الذكاء العاطفي والاجتماعي والعقلانية ما يزيل أية مشكلة، فهي الداعمة له تماما.
ما أود طرحه بإختصار أن المرأة والرجل نصفان يُكّمل بعضهما الآخر، فالرجل هو والدي، إبني، أخي، عمي، خالي، صديقي، مديري، زميلي، وكلهم يتمنون للمرأة المتميزة النجاح ويقدمون لها الدعم اللامتناهي بشرط أن نكون في بيئة سليمة فيها ثقافة حضارية تَحترم الإنسان وتُقدّر الإنسانية، وليس في عالم افتراضي هدفه تكسير الجنحان والقيل والقال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى