مقالات

أبو عرجة يكتب شخصيات عرفتها .. الشاعر والاذاعي سليمان المشيني

22 الاعلامي – الشاعر والاذاعي سليمان المشيني .. بقلم: أ.د. تيسير أبو عرجة
تعود المعرفة الشخصية لي مع الشاعر الكبير والاذاعي الأستاذ سليمان المشيني الى اوائل التسعينيات في مقر اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين في الشميساني.وكان الشخصية الودودة الذي يتميز بسعة صدره ودماثته وقوة ذاكرته وجمال لغته في الحديث وحفظه الكثير من أمهات القصائد الشعرية.وكان دائم الصحبة مع الأديب والشاعر والاعلامي المعروف الاستاذ ضياء الدين الرفاعي الذي تربطه به صداقة تاريخية وزمالة قديمة في الاذاعة الاردنية حيث كان الاستاذ الرفاعي مذيعا عريقا ومديرًا للاذاعة في احدى مراحل مسيرتها الطويلة.

وكان الاستاذ المشيني يروي في جلساته التي شرفت بحضور كثير منها في مقر الاتحاد وقتئذ بعض ذكرياته عن عمله في الاذاعة الاردنية وعن بعض المواقف التي تتطلب مواجهتها الكثير من الحكمة وحضور البديهة وقوة الثقافة ناهيك عن سلامة اللغة العربية .

وقد روى ذات مرة كيف كان يقرأ تعليقًا سياسيًا في ختام النشرة الاخبارية ليفاجأ بانه ينتقل من الصفحة الثالثة الى الصفحة الخامسة .وأنه استطاع في لحظات سريعة أن يرتجل فقرة متصلة بموضوع الحديث ويربط بين المعنى الذي تشير اليه تلك الصفحتان غير المتتابعتين.ليكتشف بأن الورقة الرابعة قد سقطت من بين يديه عند باب الاستوديو.

وفي موقف آخر قال إنه كان مكلفًا بالبث المباشر في اثناء الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من قوات الجيش العربي برعاية الملك الحسين رحمه الله وذلك في احد معسكرات الجيش في الزرقاء . وجاءت عاصفة رملية طيرت كافة الأوراق التي أعدها وكتب فيها الكثير من الاشعار والعبارات لهذه المناسبة.ولكن الحيرة عنده لم تدم طويلًا فبدأ يستنطق الذاكرة وما يحفظه من الأشعار والحكم والكلمات المؤثرة .وهكذا اعتمد في مهمته على الارتجال بشكلٍ كلي. والرسالة التي كان يريد ايصالها هي أهمية توفر الثقافة الواسعة عند المذيع وتمكنه اللغوي ومعارفه الأدبية.

لقد كان الاستاذ سليمان المشيني صاحب موهبة أدبية أصيلة .وتعددت اهتماماته الأدبية فكتب القصيدة والرواية والقصة والمسرحية والاوبريت الغنائي واهتم بالأغنية الوطنية الاردنية .وهناك أغنية كتبها نالت الذيوع والانتشار ،،فدوة لعيونك يا اردن ما نهاب الموت حنا ،، .وكان في عمله الطويل في الاذاعة الاردنية كاتبا ومعدا للعديد من البرامج الاذاعية .وقد ارتبط باسمه برنامج ركن الجيش والقوات المسلحة الذي طالما استمعنا إليه وهو صاحب الصوت القوي واللغة المتمكنة .

أما انتاجه الشعري فقد تمثل بالعديد من المجموعات والدواوين الشعرية وفي مقدمتها ديوان صبا من الأردن .يتغنى فيها بحب الاردن والأمة العربية ويتناول المناسبات الوطنية والقومية والدينية.

ويقول الكاتب ابراهيم العجلوني انه تعرف على الاستاذ المشيني في نهاية السبعينيات عندما كان مديرا للبرامج في الاذاعة الاردنية وان مكتبه كان أشبه بندوة ثقافية يرتادها المثقفون والأدباء والشعراء .

وقد حصل الاستاذ المشيني في مسيرته الأدبية والاعلامية على التكريم الرسمي والعديد من الأوسمة والميداليات المقدرة لجهوده وإبداعاته الادبية.

وقد تناول عدد من الكتاب هذه الرحلة من العطاء للاستاذ المشيني ومنهم : محمد أبو صوفة . ابراهيم العجلوني .وليد سليمان.هزاع البراري. وقدم الدكتور أسامة يوسف شهاب دراسة علمية وافية عنه ،،شاعرا واديبا وإنسانا ،،وهي دراسة نقدية تناولت شعر الاستاذ المشيني ودواوينه التي تنوعت بين الوطنيات والاشعار القومية وشعر الحنين والغزل .إضافة الى قصائده الكثيرة في حب فلسطين والقدس .وكانت القضية الفلسطينية محورية في قصائده وفي نفسه.

وهذه ابيات شعرية من إحدى قصائده عن الأردن:

أنا شاعر الأردن من غنى له
أسمى ملاحمه على قيثاره
غنيت للاردن عذب قصائدي
زينتها بالسحر من نواره
وفخرت في صحرائه ورماله
وشدوت في ارباضه وقفاره
مجد العروبة صيغ في اردننا
بمعارك اليرموك في ذي قاره
ان ذل ذل الضاد في أقطاره
وهوت معالم عزه وفخاره
سأظل اشدو باسمه المحبوب ما
فتنت زهور الروض في أياره

رحم الله الاستاذ سليمان المشيني أبا ابراهيم الذي انتقل الى بارئه في ٢٠ ديسمبر كانون اول ٢٠١٨ عن تسعين عامًا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى