×
آخر الأخبار

المنتدى الاقتصادي يناقش أثر البرنامج التنفيذي من رؤية التحديث الاقتصادي

{title}
22 الإعلامي   -

أصدر المنتدى الاقتصادي الأردني ورقة تحليلية جديدة بعنوان "رؤية التحديث الاقتصادي: تتبع أثر البرنامج التنفيذي للمرحلة الأولى (2023–2025)"، تناول فيها بعمق ما تحقق خلال السنوات الثلاث الأولى من تنفيذ الرؤية.

وأكد المنتدى في بيان صحفي اليوم، أن المرحلة الثانية من البرنامج التنفيذي للفترة (2026–2029) ستكون محطة حاسمة لمراجعة الإنجاز وتقييم أثره الحقيقي على الاقتصاد الوطني ومستوى المعيشة.

وقال إن المرحلة الأولى شهدت تحسنا ملحوظا في عدد من المؤشرات كالنمو الاقتصادي، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، واستحداث فرص عمل جديدة.

وأشار بوضوح إلى أن انعكاس هذه التحسينات على الدخل الفعلي وجودة الحياة ظل محدودا، ويرجح ذلك إلى طبيعة القطاعات التي تحقق النمو أو تستقطب الاستثمارات، والتي غالبا ما تكون عالية القيمة أو رأسمالية ولا تسهم مباشرة في التشغيل ورفع الأجور، إضافة إلى تباين كفاءة الإنفاق الرأسمالي بين القطاعات.

وفي هذا السياق، شدد المنتدى على أن المرحلة المقبلة يجب أن تركز على تعزيز كفاءة التنفيذ ورفع الإنتاجية، وعلى مواءمة الأهداف الاقتصادية والمالية مع القدرات التمويلية الواقعية لضمان استدامة المشاريع.

وأشار إلى أن وثيقة الرؤية أكدت أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة توسع وتعمق، تبنى خلالها نتائج المرحلة الأولى بهدف توسيع نطاق التنفيذ ليشمل قطاعات إضافية وتحقيق أثر اجتماعي واقتصادي أوسع.

واعتبر المنتدى أن الرؤية ما تزال إطارا وطنيا طويل المدى لتحفيز النمو وتحسين جودة الحياة، وأن ما تحقق حتى الآن يشكل خطوة مهمة تكشف في الوقت ذاته حجم العمل المطلوب لاستدامة الإصلاح وتوسيع أثره الاجتماعي.

من جهة أخرى، أوضح المنتدى أن هذه الورقة تأتي استكمالا للورقة التحليلية الأولى الصادرة في آذار الماضي بعنوان "رؤية التحديث الاقتصادي: بين الأهداف الطموحة وواقع التنفيذ"، والتي مثلت نقطة انطلاق لمتابعة تنفيذ الرؤية خلال المرحلة الأولى (2023–2025).

وتؤكد الورقة الجديدة أن إعداد البرنامج التنفيذي الثاني ما يزال قيد التطوير، وأنه لم تصدر بعد البيانات النهائية الخاصة بنتائج المرحلة الأولى، ولذلك استندت الورقة في تحليلها إلى أحدث البيانات الرسمية المتاحة حتى تاريخ إعدادها، بهدف تقديم قراءة تحليلية دقيقة لمسار التنفيذ واتجاهات الانتقال إلى المرحلة الثانية، مع التركيز على دور الاستثمار الأجنبي المباشر في دعم النمو الاقتصادي.

وفي ذات السياق، عرض المنتدى الأداء العام للرؤية بوصفها الإطار المرجعي للسياسات الاقتصادية خلال الفترة 2022–2033، إذ انطلقت من مبدأ تحقيق تحول نوعي وهيكلي يعتمد على ركيزتين رئيسيتين: إطلاق الطاقات الإنتاجية للنمو، وتحسين جودة الحياة للمواطن.

وأشار المنتدى إلى ترجمة الرؤية إلى برامج تنفيذية تشمل 8 أهداف رئيسية مدعومة بمؤشرات أداء كمية واضحة، بهدف ضمان التنفيذ المتماسك والفعال على مدى 10 سنوات، لافتا إلى غياب البيانات المحدثة الكاملة المتعلقة بمؤشرات الرؤية، باستثناء مؤشرات فرص العمل المستحدثة والدخل الفعلي للفرد.

وركز المنتدى على هذين الملفين لكونهما الأكثر تعبيرا عن أثر الرؤية على حياة المواطنين.

ولفت إلى البيانات الحكومية الرسمية، والتي أظهرت أن الحكومة حققت إنجازا نسبته 36.4 بالمئة من أصل 641 أولوية ضمن البرنامج التنفيذي خلال الفترة من مطلع 2023 وحتى نهاية الربع الثالث من 2025، أي ما يعادل 197 أولوية منفذة، مقابل 301 أولوية قيد التنفيذ بنسبة 55.6 بالمئة، و38 أولوية متأخرة عن الجدول الزمني.

وأوضح أن الإنجازات توزعت بحسب محركات الرؤية على النحو الآتي: 60 أولوية في الصناعات عالية القيمة، 45 أولوية في الخدمات المستقبلية، 34 أولوية في الريادة والإبداع، و24 أولوية في الموارد المستدامة، بينما سجلت محركات نوعية الحياة، و"الأردن وجهة عالمية"، والاستثمار، والبيئة المستدامة مستويات متفاوتة من التقدم، تعكس تفاوت الجاهزية وطبيعة كل قطاع.

وفي متابعة ملف التشغيل، وهو أحد أهم أهداف الرؤية والمنتدى، أشار إلى أن البيانات أظهرت أن عدد فرص العمل المستحدثة في 2024 بلغ 96421 فرصة عمل، أي ما نسبته 96.4 بالمئة من الهدف السنوي المحدد، مقارنة بـ 95342 فرصة في 2023، وفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة.

وأكد أن هذا التحسن الرقمي الطفيف كان أثره على سوق العمل محدودا، إذ استقر معدل البطالة عند 21.3 بالمئة في الربع الثاني من 2025، ما دفع المنتدى لتأكيد أن نوعية فرص العمل واستدامتها أكثر أهمية من العدد الإجمالي المعلن.

وبالمحصلة، تظهر البيانات أن فرص العمل السنوية المستحدثة خلال المرحلة الأولى تراوحت بين 95–100 ألف فرصة سنويا، وهي جهود مقدرة، لكنها لم تحقق الأثر المرجو في تخفيض البطالة نتيجة تركز الفرص في قطاعات منخفضة الإنتاجية والأجور، أو في وظائف مؤقتة أو موسمية أو قصيرة الأجل.

وفي ذات السياق، ناقشت الورقة تطور الدخل الحقيقي للفرد، بوصفه مؤشرا رئيسيا لقياس أثر النمو الاقتصادي على مستوى المعيشة، حيث تظهر البيانات أن متوسط الدخل الفعلي للفرد ارتفع من 2830 دينارا في 2023 إلى 2846 دينارا في 2024، أي بنسبة نمو تبلغ 0.6 بالمئة، وهي نسبة أدنى من الهدف المتوسط المحدد في الرؤية والبالغ 3 بالمئة سنويا.

وتعرض البيانات مسار الدخل خلال الفترة 2015–2024، والذي يوضح أن معدل نمو الدخل ظل أقل من 1 بالمئة سنويا منذ 2022، ما يبين ضرورة مراجعة آليات تحسين الدخل وتعزيز الإنتاجية وربط الأجور بالقيمة المضافة الفعلية.

وفي إطار متصل، أشار المنتدى إلى أن البرنامج التنفيذي للمرحلة الأولى تضمن مستهدفات لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للسنوات (2023–2025)، لكنه لم يتضمن مستهدفات واضحة للدخل الحقيقي، مؤكدا ضرورة تضمينها في المرحلة الثانية.

وتظهر البيانات الرسمية أن نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية بلغ 3228 دينارا في 2024، مقارنة بمستهدف يقارب 3779 دينارا، بما يعادل نسبة تحقق تبلغ نحو 85 بالمئة، فيما سجل نصيب الفرد نموا بنسبة 2.5 بالمئة مقارنة بعام 2023، لكن هذا النمو، كما يشير المنتدى لم ينعكس على الدخل الحقيقي للفرد.

من جهة أخرى، ركز المنتدى في هذه الورقة على الاستثمار الأجنبي المباشر بوصفه عنصرا محوريا في دعم النمو، رغم عدم إدراجه كهدف رئيسي في وثيقة الرؤية، نظرا لدوره في نقل التكنولوجيا والمعرفة، ورفع التنافسية، وخلق فرص تشغيل نوعية، حيث تشير البيانات إلى أن صافي الاستثمار الفعلي في النصف الأول من العام الحالي بلغ 721 مليون دينار، مقابل مستهدف سنوي يبلغ مليار دينار، أي ما نسبته نحو الثلثين خلال نصف عام.

كما سجل الاستثمار الأجنبي المباشر في 2024 نحو مليار دينار، متجاوزا المستهدف البالغ 900 مليون دينار، ما يعكس تحسنا ملحوظا في بيئة الأعمال وثقة أكبر في الاقتصاد الأردني.

وبالمحصلة، خلص المنتدى الاقتصادي الأردني إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي تمثل الإطار الأكثر شمولية لمواجهة التحديات الاقتصادية وتعزيز مسار التنمية المستدامة، مشددا على أن المرحلة المقبلة تتطلب تطوير أدوات التنفيذ والمتابعة، وتوضيح الأثر الفعلي للمشاريع على التشغيل والدخل، بما يضمن أن تتحول الرؤية إلى مسار دائم لتحسين حياة المواطنين، لا مجرد خطة زمنية محدودة.

-- (بترا)